تجاربي, تطوير الذات

أمي لماذا أنتِ عصبية؟

بداية ياصديقتي هذه التدوينة لن تتحدث عن المثالية ولا تدعو للمثالية ولن نطرح حلول خيالية أو مثالية فالواقع مختلف وقد يكون من السهل أن تقف في مكان الناصح المثالي الذي يوجه وينصح ولكن في الحقيقة هذا المكان لايعجبني كثيرا فاأنا أكتب من تجربة وأحب أن أساعدك من باب المجرب الذي عاش هذا الواقع لذلك وبكل وضوح أخبرك أني في هذه التدوينة ساأتحدث عن هذا الموضوع بكل عقلانية وواقعية من تجربة أم لأربع أطفال نجحت بأن تخفف من عصبيتها وتقترب من أولادها بكل حب وأن تحل مشاكلها النفسية بنفسها بعد توفيق الله، لذلك سنتحدث كصديقتين يتبادلن تجاربهن فضلا أكتبي لي في التعليقات رأيك في الموضوع وتجربتك أو حتى سؤالك فقد أتمكن من مساعدتك.

ماهي التربية من وجهة نظرك؟

لكل شخص فينا تعريفه الخاص لأي مصطلح في لغته ولو أتفق جمع كبير على تعريف هذا المصطلح فهذا لايعني فهمك وكيف تفسر هذا المصطلح في ذهنك وكيف تتعامل معه، فمثلاً مصطلح التربية عند أحد الأمهات يعني أن ترعى أطفالها وتحميهم وتبالغ في ذلك وعند أم أخرى يعني أن تركز على تعليمهم وتبالغ في ذلك وعند أم ثالثة يعني أن يظهروا أمام الناس على الشكل الذي ترغبه ولو على حساب شخصياتهم، وكل هولاء فسرن كلمة تربية بما يرغبنه في أولادهن ومن منطلق ماتعيشه وما تعتقده الأم.

فالأم الخائفة تبالغ في الحماية، والأم المنتقدة تهتم لنظرة الناس والأم التي تقدس العلم تبالغ في الأهتمام بالتعليم وكل هولاء الأمهات فسرن كلمة تربية من معتقدهن ومايؤثر عليهن.

ماذا تعني كلمة تربية في اللغة العربية ؟

تعني كلمة تربية التهذيب والتنشئة والمساعدة على النمو.

من معنى التربية في اللغة العربية نعرف أن رعاية الطفل وتنشئته ومساعدته على النمو وتقويم سلوكه يعني تربيته.

توقفي عن إكمال الموضوع وأخبريني عن مفهومك ماذا تعني لك كلمة تربية؟ وعندما تسمعين كلمة تربية ماذا تتخيلين؟

لفترة طويلة كنت أظن أن التربية أن أهتم بغذائهم وصحتهم ودراستهم ومظهرهم أمام الناس وبصراحة شكّل علي هذا المفهوم ضغط كبير فكنت أدخل في نوبات عصبية ولحظات حازمة على أمور تافهة ولكن المعنى الذي يشغل دماغي ويحرك سلوكي أن أكون مربية مثالية وأن يكون أبنائي (متربيين) وكما أخبرتك هذا الموضوع ليس مثالياً لذلك أن أكتب بكل شفافية.

بعد فترةوبعد ليالي متكررة كنت أنظر إلى صغاري وهم يغطون في نوم عميق وأنا اؤنب نفسي على لحظات العصبية والصراخ التي مارستها عليهم خلال اليوم، فاأدخل في نوبة من الغضب على نفسي والحزن على تصرفي معهم، قررت أن أبحث عن حلول وأن هذه الطريقة لاتناسبني ولا يستحقونها فبدأت رحلتي في الإستماع للمختصين والمرشدين وكنت تلميذة نجيبة أطبق وأطبق ولكن ماأن يحدث أمر يغضبني أجد نفسي وقد عدت لما كنت عليه، لقد أدركت أن هناك حلقة مفقودة يجب علي إدراكها حتى أجد الحل لوضعي الراهن.

بعد فترة ليست قصيرة وجدت أن قناعاتي تجاه التربية وأفكاري المتوارثة هي السبب في ما أصل إليه من سلوك يزعجني(العصبية) فاأنا قد تربيت في منزل أمي فيه لديها الكثير من المسؤوليات وبدون مساعدة فقد كانت أمي تعتني بنا وبمنزل يأتيه ضيوف بإستمرار بالأضافة لوجود جدي وجدتي رحمهما الله فقد كانت تطبخ وتنظف وتستقبل ضيوفها وتحمل وتلد وتربي في الواقع والآن تحديدا أفخر بأمي ففي صبرها على كل ذاك الضغط الإجتماعي والمجتمعي عبرة لي.

أمي لم تكن تصرخ وتعلي صوتها ولكنها تكتفي بتآنيب حاد قد يعقبه ضرب، وهذا ماآثر في قراري تجاه تربية أولادي فقد قررت أن لا أضربهم وفعلاً أنا لم أضربهم قط ولكن كنت أرفع صوتي وأستخدم النبرة الحادة في الخصام وكنت أشعر أني أغلي من العصبية كنت أشهد تلك النظرات الخائفة والمرعوبة في أعينهم.

فهمي لسبب عصبيتي وعودتي لطفولتي جعلني أدرك حجم تأثير التربية والسلوك المتبع فيها على الشخص وهذا التفسير غير تفكيري الذي جعل سلوكي يتغير تجاه أبنائي فاأنا لا أريد أن أكون السبب في أن ينشئ أبنائي وهم خائفون مني أو يشعرون بالضعف أمامي.

لذلك عزيزتي الأم مالسبب العميق الذي يدفعك للعصبية؟

كيف كانت بيئة التربية التي تربيتي بها؟

ماهي قناعاتك تجاه التربية ومن أين أكتسبتيها؟

أجيبي عن هذه الأسئلة وساعدي نفسك حتى تتوقفي عن هدر طاقتك وحرق أعصابك والتأثير على أطفالك فالحقيقة أن الطفل يراك مصدر الآمان والعطف فلا تخذليه وأصلحي حياتك وحياتهم فليس هناك وقت متأخر.

البداية تكون من قرار تتخذيه:

نعم أن تغيري طريقتك وتسعي للأفضل هو قرار يجب أن تتخذيه وتتحملي تبعاته فالتغيير ليس ضغطة زر وإنما نهوض وسقوط يعقبه نهوض مرة أخرى فحتماً بعد فترة من محاولتك تحسين سلوكك والتخفيف من عصبيتك تحدث أمور وظروف تختبر إلى أين وصلتي في تطوير نفسك، وقتها من الممكن أن تعودي لردة فعلك القديمة دون وعي منك وهذا لايعني أنك فشلتي ووضعك غير قابل للإصلاح وعصبيتك هي طبع لايزول لا بالعكس هذا طبيعي وفهمك لهذه النقطة يجعلك تتقبلين سقوطك وتعودين للنهوض من جديد أستمري وحاولي وسيأتي يوم وتجدين أن سلوكك تغير وواقعك أصبح أكثر هدوء وروقان.

الأطفال نعمة تستحق الإمتنان كل يوم:

إن بحث بسيط على شبكة الإنترنت عن مشاكل العقم والبحث عن الإنجاب ستريك حجم النعمة التي بين يديك وأن هؤلاء الأطفال كرم وهبة من الله لك تستوجب الشكر والأمتنان كل يوم ولعل شعورك بالإمتنان بشكل يومي لهذه النعمة يجعلك تسعين لإصلاح مزاجك والتخفيف من عصبيتك بل أن مجرد ذكر نعمة الأطفال سترفع طاقتك ومشاعرك تجاه أبنائك وتخلق هدؤ في داخلك قد تكونين شعرتي به الآن وقت قرأة هذه الكلمات.

أشكرك يالله على هبتي هؤلاء الأطفال فاأحفظهم وأعني على تربيتهم التربية التي ترضاها لهم وترضاها عني.

التعامل مع الضغوط وأخذ وقت للإسترخاء:

من الدوافع الكبيرة التي تدفع الأم لإستخدام العصبية شعورها بالضغط الذي يكون مصدره داخلي وهو الرغبة في أن يصبح كل شيء على أكمل وجه، أو من مصدر خارجي كزوج أو وظيفة أو مجتمع أي كان هذا الضغط فهو ليس مبرراً لإستخدام العصبية مع الأطفال لذلك عليك تعلم الفصل بين الأدوار وحل مشاكلك بعيداً عن أطفالك .

عوّدي نفسك على وقت خاص بك وإياك وإغراق نفسك بالعمل وعوّدي أفراد أسرتك على إحترام وقتك وأستخدمي التفويض للآخرين لمساعدتك.

توقفي عن تآنيب نفسك:

لاشيء يدعوك للغرق في الشعور السيء كالتآنيب فالتآنيب يشعرك بضعفك ويجعلك تمقتين دورك وتركزين على أخطائك، في حال حدث أمر وفقدتي السيطرة على نفسك توقفي لحظة وعيك وحاولي فوراً إصلاح ما أفسدتي.

سامحي نفسك وأكملي في طريق التحسين ولتعرفي أن إصلاح وتزكية نفوسنا هي رحلة وليست فترة مؤقتة.

كنت في مامضى عندما أعصب أو أرتكب خطاء أظل وقت طويل وأن آونب نفسي ومع الوقت بدأت أركز على تدارك الموقف وإصلاحه وبعد فترة بدأت اؤمن أن معظم المواقف لاتستحق الغضب وبدأت أتشرب هذه القناعة بالتكرار وإليكِ بعض القناعات التي توصلت إليها وبعض السلوكيات التي كنت أمارسها لتخفيف عصبيتي:

القناعات:

1- الحياة قصيرة ولا أريد أن أملئ حياة أبنائي بالذكريات السيئة.

2- أبنائي ضيوف مؤقتين غداً سيكبرون ويتحول ضعفهم لقوة وقوتي لضعف وسيغادرون منزلي لعيش حياتهم الخاصة.

3- بيتي ليس محل أثاث لابد وأن يكون مرتب أربع وعشرين ساعة.

4- الطفل يكتشف الحياة عن طريق اللعب والعبث والخطاء.

5- أنا مصدر الأمان له فلماذا أهدم هذا المصدر.

6- الطفل ليس مسؤول عن مشاكلي الداخلية بل هو مسؤوليتي التي سيحاسبني عنها الله.

7- الطفل لا شأن له بعلاقاتي مع الآخرين ومايحدث بها.

8- الأطفال يريدون أم حنونة وسعيدة ولايريدون أم مثالية.

9- القليل من الحزم واجب الحزم وليس القسوة.

10- إذا أخطأت في حقهم فيجب علي الإعتذار منهم فوراً وطلب المسامحة والتكفير عن خطائي.

11- لهم حق الإختيار ولهم حق التعبير عن مشاعرهم .

السلوكيات التي ساعدتني:

1- أحترام وقت راحتي.

2- ترتيب وقتي وأولوياتي.

3- طلب المساعدة وتقسيم أعمال المنزل على أفراد الأسرة.

4- النقاشات الزوجية لا أسمح بها أمامهم.

5- أستخدم الرسائل في توجيههم.

6- لا أتحدث في أخطائهم أمام أحد

7- أتقبل معارضتهم لبعض القرارات وأدخل معهم في نقاش.

8- الحزم مع الصغار في بعض السلوكيات.

وكما أخبرتك هذه القناعات والسلوكيات لم أصل لها في يوم وليلة بل بعد رحلة من التآنيب والبحث ولا أدعي أن هذه هي الطريقة الصحيحة والمؤثرة تمام التأثير ومازلت أسعى للتطور، من حقي أن أعيش حياة هادئة وأسعى لتحسينها وإصلاح ما أراه خطاء كذلك أنتِ، أنوي أن تكون تجاربي ملهمة لك وتساعدك في حل بعض مشاكلك.

العصبية ردة فعل:

ستمرين في مواقف تستدعي أن تعطيها ردة فعل قوية وقد تصلين للعصبية ولذلك عوّدي نفسك على الحضور في اللحظة بحيث أن تكون ردة فعلك مدروسة فتكون العصبية وقتها إختيار وليست إجبار فمن ضمن المواقف التي قد تمرين بها موقف يستدعي ظهورك بمظهر عصبي حتى تحدثين الردع لذلك الخطاء.

هذا لن يحدث لشخصية تعودت أن تعصب على أتفه الأمور وبإستمرار حتى أصبح لقبها عصبية وأصبحت عصبيتها صفة يصفونها بها.

عندما تعصبي بشكل مدروس وفي أوقات نادرة سيكون لعصبيتك تقدير وستجدين من حولك يحترم ردة فعلك ولا يكررونها، أظن أنك قد مررتي بمثل هذه التجربة فلو حاولتي مراقبة من حولك لوجدتي أن هناك شخصية يحترم الناس ردات فعلها وذلك لأنهم تعودوا منها الهدوء والروقان.

هذا الموضوع يساعدك على تخفيف عصبيتك وهدر طاقتك ولكنه يراعي كونك إنسان سيمر بكثير من المواقف التي تجعله يخرج عن سيطرته على نفسه ولكن ليس في كل الوقت.

هناك فرق بين أن تعصب وتنفعل لسبب يستحق وبين أن تكون دائم العصبية الحياة معك تُحسب من أيام الجحيم أظن أنك لاترغبي بأن يتم وصف الحياة معك بالحياة التعيسة والنكدية.

تذكري السلوك المتكرر سببه معتقد وفكرة سيئة هدفها أن تفقدي توازنك لذلك حللي أفكارك وراقبيها وراجعي حياتك وردات فعلك وحسني مايمكن تحسينه وتذكري“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

أنت قوية وعائلتك تستحق

كوني بخير

رأيان حول “أمي لماذا أنتِ عصبية؟”

اترك تعليقًا

Please log in using one of these methods to post your comment:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s