قبل أيام مررت بحالة من التبلد والخمول وعدم الرغبة في عمل شيء أو الإكمال في مابدأت إنجازه، في تلك الفترة تسألت بيني وبين نفسي ما الهدف مما أقدم ؟ لماذا أتوقف وأتعثر كثيراً في مطب التسويف والكسل رغم إجتهادي؟ مالذي تغير في شخصيتي؟ فاأنا في الماضي أعمل وأنجز أكثر من الآن بكثير ولا أستهلك وقتي بالتفكير والتخطيط.
كنت في الفترة التي تسبق إستقالتي زوجة وأم وموظفة وساعات عملي طويلة ومع كل ذاك الحال كنت أنجز الكثير على المستوى الجسدي لا الذهني أما الآن فمعظم أعمالي ذهنية ومن المنزل في صناعة المحتوى والعمل عن بعد.
الحقيقة التي وجدت إجابتها أنه لاشيء فعلي تغير في حياتي ففي السابق كان يومي مليء بالأعمال التي تتطلب جهداً بدنياً أكثر والآن يومي مليء بالأعمال التي تتطلب جهداً ذهنياً أكثر وأن حالات الملل تصيبني عندما كنت موظفة وتصيبني الآن في وضعي الحالي.
إذاً لماذا كل هذه الأسئلة ولماذا كل هذا الإنزعاج؟
ببساطة هناك شيء واحد تغير في حياتي خلق في داخلي شعور مضطرب ولولا تلك الأسئلة لم أكن لأصل لهذه الأجابة ولم أكن لأكتب هذه التدوينة.
وهذا الشيء لايمكن ملاحظته بشكل واضح فاأنا منجزة في الماضي وفي الحاضر وأنا أحصد النتائج في الماضي والحاضر، إلا أن هذا الشيء عبارة عن شعور خفي يخلق فراغ داخلي، فاأنا حقيقةً لست راضية عن إنجازاتي الحالية وهذا الشعور يلتهب في داخلي، لذلك كان لابد لي من وجود إجابة تهون علي حرارة هذا الشعور المزعج.
لقد كانت الأجابة ليس لدي منافس!

ماهي المنافسة؟
في فطرتنا كبشر نتطور ونتقدم ضمن مجتمعات وبيئات إجتماعية ولا يمكن قياس هذا التطور دون إحتكاك ببعضنا البعض، هذه الفطرة تفرض علينا بعض المشاعر التي لايمكن كبتها أو تجاهل وجودها، تعرف المنافسة بأنها التسابق والأجتهاد لنيل جزاء أكبر من جزاء الأخرين أياً كان نوع هذا الجزاء، فقد يكون كسب مال أو شهرة أو حتى شعور…الخ
لايطلق على المنافسة إسم منافسة إلا إذا كانت بين أثنين فاأكثر، أي أن المنافسة صفة تختص بها المجموعات لا ألافراد. بمعنى لايمكن لشخص أن يعيش شعور المنافسة دون طرف آخر بغض النظر عن معرفتهم ببعضهما.
مالذي تخلقه المنافسة في حياتنا؟
هل مررتِ بمثل هذا الموقف أن تكوني بين مجموعة نساء يتحدثن عن منتج تجميل ووجدتِ نفسك متحمسة لشراء هذا المنتج الذي تم مدحه والغاية أن تهتمي بجمالك مثلهن؟
هل مررتِ بموقف أن تسعي لشيء ما ووجدتي مجموعة حققت هذا الهدف فشعرتي برغبة عارمة ونشاط أكبر لبلوغه؟
كل هذه المواقف وأكثر هي منافسة على أمر ما وللحصول على نتيجة وجزاء معين.
المنافسة تستثار بالأوساط المجتمعية وتخلق تحدي بين الأفراد لتحقيق أفضل النتائج.
المجتمعات تحتاج المنافسة ومبدأ التنافس يتم خلقه دوماً بين الأفراد في كل الطبقات وتستطيع الحكومات التحكم به ودعمه لبناء مجتمع متحضر وراقي.
متى تكون المنافسة سلبية أو إيجابية؟
بإختصار شديد تكون المنافسة إيجابية إذا كان الهدف منها البناء والتقدم وتكون سلبية إذا كان الهدف منها الضرر والتخريب.

ليس لدي منافس!
إن كل شخص نجح في حياته ووصلنا خبر نجاحه وأشتهر بسبب هذا النجاح هو شخص أوجد له منافسين وإن لم يعرفهم.
انجح وأشهر كاتب ، لاعب، روائي، رسام ، طبيب قرر أن ينافس من حوله ووضع لقب الأفضل والأنجح والمتميز نصب عينيه وعمل وأجتهد وسعى لذلك حتى نجح وبلغ مايريد.
ليس بالضرورة أن تعرفي من هم منافسيك أو أن تعاديهم أو تضمري لهم الشر بل المطلوب أن تخلقي منافسك الذي يشعل في داخلك الحماس والرغبة للوصول لما تريدين وأن تنجحي في حياتك الإجتماعية وتخدمي عالمك وتقدمي النفع له.
أن ترغبي أن تكوني أم متميزة فاأنتِ تتعلمين بإستمرار وتطبقين ماتعلمتيه وتجتهدين أكثر في رعايتك وعنايتك باأبنائك وتتنافسي على أن تكوني الأم الرائعة وليس بالضرورة أن يصفق لك أحد أو أن يشكرك أحد فالنتائج ستتحدث دون كلام.
المنافسة لا تعني المقارنة أبداً لاتعني النظر والغيرة مما في أيدي الآخرين بل أن المنافسة على هذا النحو هي منافسة سلبية مدمرة، المنافسة تعني الوصول للنتيجة بكل رغبة وحب وإجتهاد.
عندما أتخذت قراري بأن أتنافس مع المتنافسين في الحصول على ماأرغب وما أتمنى بدأت أشعر بطاقة مختلفة وتغيرت نظرتي للحصول على الماديات وأصبحت أنظر للآثر أكثر ، لايهمني أن تكون ملابس أبنائي وصورتهم ومظهرهم أفضل وأروع من أقرانهم بقدر مايهمني أن أحرص على فكرهم وتعليمهم ومصاحبتهم وإعطائهم المشاعر التي يحتاجونها من أمهم.
لم أعد أهتم لعدد الكتب التي أقرأها أو الدورات التي أحضرها بقدر مايهمني التطبيق لما فيها وإفادة غيري كما أستفدت.
إن أكثر مايحركني هو التحدي والتحدي يشتعل بالمنافسة الشريفة لذلك لدي منافس دائما وأبداً في كل مجال يجعلني أتحسن في المجال الذي أرغب النجاح فيه، منافس لا اسم له ولاعرق ولا لون ولكنه دائماً يخبرني بأني أستطيع أن أكون الأفضل دائماً دون عناء أو مشاعر نقص ومعاناة.
لذلك ياصديقتي إذا أردتِ أن تنجحي في مجتمع ما لابد أن تجدي منافساً لكِ يشعل الحماس في الداخل ويحفزك على الإستمرار وليكن هذا المنافس يجعلك ترفعين شعار الأفضل الأنجح في هذا المجال.
أتمنى أن أكون أوصلت الفكرة بسهولة ويسر وسعيدة بكل تعليق على هذه التدوينة ولتكتبي لي ماهو المجال الذي ترغبي أن تكوني فيه الأفضل؟
كوني بخير
رأيان حول “ليس لدي منافس !”