جميعنا نحب أنفسنا ومتأكدين من ذلك وحتى أثبت لكِ ذلك، إليكِ هذا السؤال ماذا تفعلين عندما تتعرضين لموقف فيه خطر كبير عليكِ؟ ماذا تفعلين حال أصبتِ بمرض ما؟ هنا نحن نحب أنفسنا ونخاف عليها ونخشى الأذية لها وبما أننا متاكدين من حبنا لأنفسنا فليكن السؤال ماهو مقدار حبنا لأنفسنا؟ طبعاً لايوجد وحدة قياس لهذا النوع من القياسات ولكن يوجد دلائل وأفعال تدل على هذا المقدار ولنتعرف عليها في هذه التدوينة.

علاقتك بالماضي:
عندما ننظر للخلف نرى ماكنا عليه في ذاك الوقت فقد مررنا بمراحل كثيرة بدايةً من كوننا أجنة في بطون أمهاتنا ومن ثم أطفال،مراهقين فبالغين وفي كل مرحلة من المراحل التي مررنا بها كانت لنا أخطاءنا التي هي من صميم تطورنا كبشر فلا يمكن أن نعمل الصواب من المرة الأولى ولايمكن أن تسير حياتنا بالطريقة التي نريد هذه هي فطرتنا، إن مراجعة الماضي والشعور بالعار من وجوده ومن ماحصل فيه وتآنيب أنفسنا على أخطاءه دليل مقت وكره لجزء من أنفسنا.
لا أحد عاقل ينكر أثر الماضي علينا فكل معتقداتنا و أفكارنا اليوم هي حصيلة مامضى من أحداث، كل قراراتنا التي لم نتخذها بعد سيؤثر فيها مامضى من حياتنا، التحدي الحقيقي يكمن في وعينا تجاه الماضي و تقبلنا لتلك الأحداث والعزم المستمر على تصحيح مسارنا دائماً، لا فائدة من البكاء على الأطلال والتعامل مع اللحظة بتجاهل لأننا نشعر بالخزي والندم على موقف أنتهى ركزي على كلمة أنتهى.
من تظل في دائرة ذكريات الماضي و آلامه هي تقلل من حبها لنفسها و تظلمها كثيراً، أنظري لحالك اليوم وما أنتِ عليه هل يستحق يومك أن تعيشيه بالندب والحزن والندم على مافات؟ هل غيرتي شيئاً و أنتِ تجترين تلك الذكريات؟ طبعاً لا، إذاً لا فائدة من ذلك أحتوي روحك و أنفضي عنك غبار السجلات القديمة و زيدي مقدار حبك لنفسك بمسامحتها على مامضى ولا تتذكري من الماضي سوى مايبهجك أو ينفعك وما تبقى فسلة المهملات صُنعت له.
المنافسة لا المقارنة:
لأسباب تربوية ينشأ معظمنا وهو لا يفرق بين المنافسة والمقارنة مع الآخرين فتتملكه الأنانية والقسوة للحصول على الأشياء والغيرة والحقد حال فقدان الأشياء التي يرغب بها في حين حصل عليها آخرون.
معظمنا يظل في دائرة من المشاعر السلبية حين يعمل في وسط جماعي فهو كمن يلهث راكضاً خلف أشياء لا يرغب في إمتلاكها، فقط لأنه يظن أن عليه إمتلاكها، يجبر نفسه على لبس ثوب لا يرغبه ولا يناسبه حتى يخفي حقيقته ويشبه من حوله والسبب أنه لايعرف كيف ينافس من معه دون أن يقارن نفسه بهم.
عندما يجتمع مجموعة من الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم البعض في مكان واحد ويستمرون لفترة من الزمن وتنشأ بينهم عشرة (عيش وملح) نلاحظ تأثرهم ببعضهم البعض وكيف أنهم يميلون لتقليد بعضهم البعض فتتشابه الخيارات دون وعي منهم، كل هذا يحدث بسبب تقاربهم من بعضهم ونشؤ المقارنات والمنافسة بمفهومها الخاطئ، فلو أختلف أحدهم و ابتكر طريقة مختلفة عما تعودوا عليه، سيلاحظونه ويلومونه، وقد تصل بهم الحال لمعاداته.
المنافسة تعني أن تجتهد بوجود طرف آخر على هدف واحد دون الإضرار بذلك الطرف ويكون هدفك من المنافسة الوصول لأفضل نتيجة تخصك أنت، بينما المقارنة تعني أن تجبر نفسك على التساوي مع شخص مختلف عنك، كل البشر مختلفون مهما بدى لك أنهم متشابهون، فما تملكينه لا يملكه شخص أخر و طريقة سير حياتك لا تشبه حياته، إن المقارنة ظلم كبير للنفس وتقلل من مقدار حبك لذاتك وكذلك المنافسة في غير محلها.
حتى تحبي نفسك بحق أحترمي وقدري إختلافك الذي خُلقتي به وأعملي على تطوير نفسك والسمو بها وتزكيتها ما أستطعتي.
السخرية من الذات:
عندما تضحكي على نفسك وتنعتينها بتلك الصفات أمام الناس فتضحكين ويضحكون، فلا تحزني حينما يعاملونك با أقل مما تستحقين، تذكري أنتِ من فتح لهم الباب.
أعطي نفسك حقها من الإحترام والتقدير و من يقلل من إحترامك فهذا دليل على سوءه وقلة تربيته وأدبه.
التنازل عن الحقوق:
يختلف التنازل من أجل العفو والصفح عن التنازل خوفاً من المطالبة بالحقوق، الخوف المعيق لك عن المطالبة بحق لكِ دليل على ضعف حبك وتقديرك لذاتك، طالبي بحقوقك بطريقة تعود عليكِ بالنفع قدر ما تستطيعين.
العطاء والأخذ:
دائماً مانكون نحن النساء أكثر عطاءاً لذلك أنصحك بقراءة هذا الموضوع كيف تكوني متوازنة في عطاءك؟
الشخص الذي يحب نفسه يعرف متى يجب عليه الأخذ ومتى يجب عليه العطاء دون تآنيب ضمير.
مقدار حبك لنفسك:
في كل الديانات السماوية بعد طاعة الله والأمتثال لأوامره جاء تقديم مصلحة النفس على باقي المصالح حتى أصبحت تزكيتها سبب النجاة من النار والعذاب في الآخرة، كما حُرم قتل النفس والقتل لايكون في الأنتحار فقط إنما في كل مايمنعها من عيش حياة طيبة فالإسراف في الحزن والندم والتآنيب قتل للنفس كذلك فعل المعاصي وأرتكاب المحرمات تدنيس وقتل للحياة الطيبة، إن مقدار حبك لنفسك يعتمد على مدى إهتمامك بتزكيتها وتطهيرها والسعي الدائم للتقوى والقرب من خالقها، لايمكن لشخص يحب نفسه بصدق أن يجعل نهايتها الخلود في جهنم.
مقدار حبك لنفسك يزداد في أهتمامك بها وإحسان رعايتها وهذا الحب يأتي بالعمل على الروح والجسد والعقل، فروحانياً تتمثل بعلاقتك بالله وحسن ظنك به وكذلك التسليم والرضا بما كتبه لكِ فاأمر الله كله خير، أما جسدياً فقد أُمرنا بأكل الطيبات والبعد عن الخبائث وكذلك الحركة والسعي، وبالعقل تكتمل أركان الحياة الطيبة فلا تسمحي للأفكار السلبية أن تسيطر على حياتك و أبحثي دائماً عن العلم النافع وغذي عقلك كما تغذين جسدك ونظفيه من الشوائب من معتقدات وذكريات لا تنفعه ولا تخدمك في قادم أيامك كما تنظفين أسنانك خشية تسوسها وتذوق آلأمها المبرحة.
أسال الله أن يحيينا حياة طيبة ويهدينا لخير القول والعمل.
كوني بخير:)
👍
إعجابإعجاب