كنت أتحدث مع أحدى الصديقات والتي تعاني من مشكلة في حياتها الزوجية و ما جعلني أفكر في كتابة هذه التدوينة هي الجملة التي قالتها بصوت اليأس والندم: لقد قرأت الكثير من الكتب في الحياة الزوجية ولم أستفد كثيراً..أنا كما أنا و مشاكلي كما هي!.
تذكرت تجربتي في اِنكبابي على قراءة كتب التطوير و إحداث التغيير في الحياة وكيف كنت أهرب بالقراءة عن مواجهة نفسي، لقد خَتّمت كل الكُتب المشهورة وعرفت أسماء براقة من المؤلفين المشهورين في مجالهم، مع كل هذا لم أستطع وقتها مواجهة نوبة واحدة من نوبات الألم الداخلي الذي كنت أشعر به يخترق روحي ويزج بها في صراعات مع القلق و التأنيب.
القراءة وحدها لا تصنع التغيير فيك.

هارب يرتدي ثوب المثقف:
إن للقراءة والبحث والتعلم لذة كبيرة ومن يغوص في عالم الكتب يعرف كم لهذا الحال من متعة ولهذا العالم من بريق وسحر خاص، ففي القراءة يزيد الإدراك ويتوسع الفهم، تلتقي بأرواح المؤلفين وتستمع للحن كلماتهم، تُثار المشاعر ويهّل الدمع حيناً، تُجبر الخواطر أحياناً(هناك من يعاني كما أعاني.. لستُ وحدي).
تمتلئ الرفوف بالكتب والعقل بالمعلومات وتزداد الخزينة اللغوية وتخرج الكلمات منمقة، زاهية، براقة وعند أول مواجهة مع ما يثير الغضب و يمس الشعور ترتعش الأطراف وتنطفئ أضواء الحكمة و تعجز عن تمالك نفسك فيصبح الوعي مغلقاً والإدراك هارباً والعالم المثقف المتغني بالمعرفة جاهلاً، محبطاً، عاجزاً عن مواجهة نفسه.
أين ذهبت المعرفة؟
هي موجودة وحاضرة في ذهنك ولكنها ليست متاحة للتطبيق الآن!
أعرف كمية من المعلومات عن إدارة الغضب ولكني أعجز عن التحكم بغضبي أفقد أعصابي سريعاً!.
أعرف معلومات كثيرة في تربية الأبناء، شريك الحياة، إدارة المنزل، بيئة العمل…الخ
ما فائدة معلومات لا تساعد في تحسين واقع وتغيير سلوك وحل مشكلة؟!
نظن أننا بقراءة الكتب سنحُل كل مشاكلنا والحقيقة أننا نهرب من مشاكلنا بالقراءة حتى نجد لأنفسنا عذراً، نحن نعرف الصحيح والحلول وعاجزين عن تطبيقها لأننا لم نحاول أصلاً تطبيق ما تعلمناه وقت الرخاء، فسقط قناع المثقف العارف أمام زوبعة أحد مشاكله، أين الاستعداد؟
القراءة بحد ذاتها من أجمل الممارسات التي تفيدك في الحياة ولكن قراءة عن قراءة تصنع الفرق.
ماذا تقرأ؟، متى تقرأ؟، لماذا تقرأ؟، لمن تقرأ؟، والأهم ما غايتك وهل ستطبق ما تقرأ؟.
كيف تعرفين أن كنتِ استفدتِ من الكتاب الذي قرأته؟
ببساطة عندما تطبقين وتجربين ما فيه، ثم تعرفين هل لائمك و أحدث التغيير؟
معلومة واحدة صحيحة تقتنعي بها، وتطبقينها في حياتك بصدق، قد تحدث تغييراً عظيماً في حياتك.
لن أكذب إن قُلت لك أن نسبة الكتب التي شعرت بأنها أحدثت التغيير في حياتي بعد تطبيق ما تعلمته منها لا يتجاوز 20% من أجمالي ما حصلت عليه من معلومات.
اقرأي وابحثي وتعلمي وما تجدينه مناسباً ابدئي على الفور بتطبيقه في حياتك وأنظري للأثر.
التطبيق أصعب من القراءة لأنك ستفشلين في البداية ولن تستمري ولكن كوني صادقة مع نفسك بطلب التغيير وستجدين في كل مرة تغييراً يسعدك.
الكتب والمعلومات هي مساعد فقط السر كله في التطبيق والمحاولة مراراً وتكراراً.
كوني بخير:)
اكتشاف المزيد من خديدة وردية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
