في حياة كل منا لحظة بسيطة لم نعرها انتباهًا، لم ندونها، لم نذكرها في سيرتنا الذاتية، قد تجد لها مكاناً في أحاديث عابرة، لكنها ليست بتلك الأهمية التي تجعلنا نحتفل بها أو ننتبه فقط لكونها أحدثت تغييراً في قصتنا.
لم تكن لحظة انفجار أو انهيار كانت لحظة صامتة، عابرة بلاوعي و إدراك حدثت، إلا أنها من حيث لا نشعر أحدثت فرقاً في سير الأحداث بعدها.
اللاحدث الذي يأتي بهيئة تأخير لدقائق معدودة، نسيان لورقة مهمة، عثرة في الطريق، رباط الحذاء الذي بحاجة لإصلاح، قلم بلا حبر..الى آخره.
في هذا المقال لن نحتفل بالإنجازات العظيمة ولن نذكر تلك الأحداث القاسية، بل سننصت لتلك الهمسات الخفية، سنراجع تلك المواقف البسيطة بل والتافهة بوصف عقولنا، سنتتبع تأثير ما غاب عن أذهاننا من تفاصيل دقيقة صغيرة مرت بهدوء و خفة وقد تكون هي السبب الحقيقي الذي أحدث التغيير.

لسنا دائمًا أبطال القصة
في أحيان كثيرة لا نكون البطل في القصة والذي يختار، يقرر ويرسم الخطة المحكمة، بل كركاب في قطار التسخير الخفي، يتوقف في وقته المناسب ويضعنا في المكان المناسب لنحظى بلحظة نسميها “صدفة” تخلق التغيير وتصنع التحول الكبير دون أن نشعر.
ما يغيب عن الصورة الكاملة
-تأخير خمس دقائق أنقذه من حادث مأساوي.
-جملة في كتاب غيرت قرارها في تخصصها الدراسي.
-حادث سير منعه من العمل في شركة ظاهرها يختلف عن باطنها.
-لقاء عابر في مكان ما كان سبب طلاقها لتلتقي بشريك أفضل بعد أعوام.
-دعوة غريب ساعده دون عناء، اُستجيبت لتصبح سبب في حمل زوجته بعد سنوات من الانتظار.
لا شيء صدفة وأن ظننا بوجودها فترتيب الأقدار شيء عظيم، رب رحيم خالق التسخير و ميسره.
تأملات من سورة الكهف
-هل سخِط عُمال السفينة حين خرقها الخضر؟ يوم بلا عمل وقد يكون بلا أجر؟
-أم و أب يفقدان غلامهما، على الأغلب ظلا يبكيانه ما بقي من عمرهما، من يلومهما في فاجعة فقد أبنهما؟ هل أخبرهم الخضر عن ما ينتظرهما في المستقبل؟ هل صدقاه؟
-يتيمان في المدينة قد يعانيان الفقر والجوع أو القسوة والله وحده أعلم، إلا أنهم لم يتوقعان أن هناك كنزاً ينتظرهما عندما يكبران.
لقد أشارت آيات السورة الكريمة لكيف تأتي أحداث خفية قد تنتهي حياتك و أنت لم تعرف ما حدث في الخفاء و قد تراه أمراً غير منطقي يعجز عقلك عن تفسيره إلا أن هذا الحدث العابر قد يخلق التغيير فيدفع فتنة‘ يجلب رزقاً و يضفي للقصة بعداً أخر من الخيرة الغير مدركة.
تأتي الأحداث بما يسُّر وبما يؤلم ولا يدري أي منا ما لخير الذي يعقبها إلا أن وعد الله حق فما بعد العسر إلا اليسر.
قد يكون الغياب، التأخير، الفقد، أو حتى الرفض هو عين الرحمة، هو “اللاحدث” الذي غيّر كل شيء.
أرجو أن أكون وفقت في إيضاح الفكرة التي تجعلنا ننظر لحياتنا بشكل مختلف و أن نؤمن بأن لا شيء يحدث عبثاً فخالق الكون رحيمٌ في ترتيب أقداره و أعلم بعباده.
كوني بخير:)
اكتشاف المزيد من خديدة وردية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
