تجاربي, تطوير الذات

كيف تعودين لنشاطك بعد السقوط في فخ الكسل والتسويف وانعدام الشغف؟

بعد مرور أكثر من شهر على غيابي عن أعمالي وتوقفي المفاجئ عن ممارسة روتيني اليومي أعود لأكتب لكِ ياصديقتي بكل صدق عن تجربة عشتها والحقيقة أني لم أكن مستمتعة وأنا أخوضها، فقد كنت أشعر بالأنهيار بعد بناء عظيم ومسيرة لا بأس بها في طريق تطوير عملي الشخصي وتطوير نفسي وروتين طالما أحببت القيام به، لست فخورة بهذه السقطة وملامسة القاع و معاشرة الكسل والتسويف وإنخفاض الطاقة لا على الإطلاق ولكني الآن أشعر بإمتنان عظيم لتلك اللحظات وإن كانت مزعجة لي في بدايتها وأن كنت قد عانيت قليلا للخروج منها وحقيقة كلمة (مفاجئ) كلمة في محلها فقد أستيقظت صباح يوم وكنت في حالة مزاجية سيئة وقررت أن أطبق مبدأ المرونة في حياتي وسمحت لذلك اليوم أن يمر وأنا في أسترخاء و تقبل ووجدت نفسي أتهاوى فاليوم أصبح أسبوعا والأسبوع صار شهرا وأنا أجدد النية في كل صباح للنهوض وإتمام عملي ولكني لا أقوى على النهوض من سريري وأن قمت فاأنا أقوم للأعمال الملزمة بإتمامها فكما تعرفين عني في تدوينات سابقة أم وزوجة ولدي مسؤوليات لايمكنني الفكاك منها أو تأجيلها وهذا ماجعلني أسأل نفسي لماذا عندما نتوقف ونسقط نهمل مايخصنا ولا نقوى على ترك مسؤولياتنا؟ ولقد وجدت الأجابة التي حتما ساأشاركك أياها في هذه التدوينة وسأخبرك لماذا نسقط فجاءة ونتوقف وندخل عالم التسويف والكسل ونشعر بإنعدام الشغف؟

لنبدأ مع كوب من القهوة ☕️😘

القمة القاع القمة القاع:

أظن أنكِ قد سمعتي عن أهمية تغيير نظرتنا وأفكارنا وردات فعلنا السلبية وأن ردة فعلك هي مايحدد نوع حياتك فالظرف واحد وردة الفعل هي المختلفة قد يكون هذا الكلام صحيحا لدرجة كبيرة و قد جربت دوره في تجربتي هذه فكل مرة تراودني فكرة سيئة أعمد لتغييرها ومناقشتها أحيانا وفي كثير من الأحيان أعمد لتجاهلها فليس من المنطقي أن أغوص وأتعلم لسنوات في عالم الوعي وتطوير الذات ولا أطبق مافيه، نعم لقد طبقت كثيرا ولم أستهن في يوم من الأيام بمعلومة ولقد جنيت ثمار التطبيق لكثير مما طبقت وأقتنعت بأن هناك من الهراء في هذا المجال مالله به عليم، لكني لمست أثر كل ماطبقت ونجح معي في تجربة السقوط والتعثر التي مررت بها وهذا ماجعلني أتاكد أنك تتأثر كثيرا بردة فعلك وطريقة نظرتك للحياة وأفكارك عنها أكثر من الحدث والظرف الذي تمر به بل أن معظم الظروف التي نمر بها هي أمر طبيعي ومتوقع حدوثه في أي وقت ويكاد تأثير الحدث يتلاشى أمام مانقوم به من ردة فعل ناتج عن أفكار نحملها في عقولنا ومعتقدات نؤمن بها ورفض يسكن قلوبنا لما حدث.

الموت من أكثر الأمور المتوقع حدوثها بل أننا مؤمنين بأنه واقع لا محالة ومع ذلك نرفض حدوثه هروبا من آلم الفقد ومع أنه واقع سيقع على كل حي إلا أنه عندما يقع تختلف ردات فعلنا تجاهه، كم حالة سمعتي عنها دخلت في إكتئاب عظيم جراء فقد قريب؟، كم حالة سمعتي عنها تلقت الخبر بصبر وإيمان وتجاوزت الم الفقد وعادت لحياتها الطبيعية؟ اليس الحدث واحد الم يتألموا جميعا؟ بل.. ولكن ردة الفعل هي المختلفة ولو سألتي كل واحد منهما عن مايدور في عقله لوجدتي الأفكار مختلفة ودائرة التركيز مختلفة فقد تكون من إكتئبت ترى الحياة من منظور تعلق وبؤس وعجز ورفض لفكرة الموت والنهاية، على النقيض تكون أفكار الآخرى.

إذاً فكرتنا ومفهومنا عن الحدث هو مايجعل ردة فعلنا مختلفة وردة فعلنا هي التي تؤثر في واقعنا.

في المقدمة أخبرتك أني ممتنة لتلك اللحظات التي مررت بها من فقدان للرغبة في العمل والتسويف والكسل وذلك لأنني أكتشفت أنني متعلقة بالقمة وأرفض النزول إلى القاع، أرفض التوقف وأرفض الراحة وكأنني أدمنت الإنجاز ونسيت ما أكتب عنه دائماً نسيت أن التوازن سر الحياة الطيبة وأن دائماً بعد القمة قاع ومن القاع نصعد للقمة.

تقبلي لحالة الهبوط في طاقتي ومشاعري ورغبتي الصادقة الخروج منها هو ماجعلني أستفيق وأهدى وأعطي جسمي حقه من الراحة والتوقف والحقيقة أن ما فاتك لم يكن في الأصل لك.

العودة للروتين بعد التوقف عنه لمدة:

التوقف عن ممارسة روتينك الجيد وترك عادات إيجابية عملت عليها لفترة من الزمن يعني عثرة في طريق إنجازاتك وهذه العثرة قد تصبح سقوطاً إذا أستمرت لفترة طويلة، هذا بإختصار ما حدث معي ياصديقتي وأنا أكتب هذه التدوينة حتى تستفيدي منها وتساعدك إذا كنت تمرين بما مررت به قبل فترة.

كنت قد مررت بست أشهر من نوم جيد وأداء للمهام وإنجاز للأعمال بل عمل يومي ومكثف بالأضافة للرحلة في التعلم الذاتي وهذا ماجعلني في سباق مع الوقت رغم تنظيمي وترتيبي لأعمالي فكل مااكتبه في هذه المدونة أنا أقوم به وهنا قد سردت تجربتي مع أنجاز اعمالي دون تسويف، وقد كنت أتمتع بمرونة في أداء أعمالي ومع ذلك مررت بحالة من التسويف والملل وانعدام الرغبة في عمل أي شيء وهنا تسألت لماذا يحدث معي هذا؟ فوجدت الأجابة في إدمان الشعور الذي يحققه الإنجاز فالجسم يفرز هرمون يدعى هرمون السيرتونين وإدمان هذا الهرمون وإفرازه يجعلك في حالة مستمرة من الرغبة في العطاء والإنجاز فيحدث أن ترغب في كميات أكبر في كل مرة مالم تكن شخص مرن وشخص يعرف متى يتوقف وهذا ماحدث معي أصابني هوس الإنجاز فزادت طموحاتي وبدأت في إضافة أعمال جديدة لجدولي وحدث لي مايسمى بالتشتت وكان لابد لقانون التوازن أن يتدخل فحدث لي هبوط أسميته مفاجىء لأني لم أتقبله أبداً وبدأت في مقاومته فكنت أقوم بواجباتي لدرجة دخلت في موجة إكتئاب فسمحت لنفسي حينها بإجازة تجاوزت الشهر ووجدت نفسي أنجرف لسهر وأظطرب نومي وبدأت في تناول الحلويات وتوقفت عن ممارسة الرياضة و لكني بفضل الله لم أتوقف عن ممارسة المشي وهذا ماجعلني أعود لروتيني بالتدرج.

وبكل صدق أخبرك أن العودة لروتينك الأيجابي أو بداية روتين إيجابي مفيد ليس بالأمر السهل فنحن نعيش في عالم من المغريات تعمل طوال الوقت فالإستلقاء على كنبة مريحة ومتابعة فيلم أو تصفح لمواقع التواصل الإجتماعي شيء ممتع وإن كان غير مفيد، تناول القهوة وقطع الحلويات شيء مغري، كثرة التطبيقات وسرعة توصيل طلبات المطاعم جعلتنا نستسهل الطلب من المطعم وتناول طعام مليء بالدهون والسكر والملح، لذلك أن تعودي لطعامك الصحي وتمارينك الرياضية ومعاودة الإستيقاظ مبكرا أمر ليس بالسهل ولكنه حتما وبكل تأكيد ليس بالصعب أو المستحيل.

التدرج الحل الرائع لبناء أي عادة مفيدة:

ما يحدث بسرعة يذهب بسرعة ولهذه المقولة إثباتات كثيرة فالعقل سيد قوي ولديه الكثير من الخدع ليعيدك لنقطة راحتك لذلك وجد مايسمى بقانون الكايزن وهو القانون الذي يستند على تجزئة الأعمال والممارسات إلى أجزاء صغيرة وخطوات يسيرة يسهل عملها ويسهل الإستمرار عليها وما أن تستمري على فعل لمدة طويلة فهو ينطبع بطريقةتلقائية في عقلك اللاواعي ويصبح عادة دائمةتشعرين بفراغ كبير حال التوقف عنها.

التدرج في بناء أي عادة هو تطبيق نظرية الكايزن عن طريق عمل نفس الفعل بزيادة بسيطة في كل مرة حتى تصلي للحد الذي تريدين.

مثال على ذلك البداية في ممارسة الرياضة حتى تصبح عادة يومية يتم عن طريق تخصيص أقصر مدة لممارستها كخمس دقائق مثلا لمدة اسبوع ومن ثم زيادتها لسبع دقائق في الاسبوع الثاني وعشر دقائق في الأسبوع الثالث وربع ساعة في الأسبوع الرابع ومن ثم الإستمرار على ربع ساعة يومياً.

بعد النهوض من السقوط والتوقف عليكِ المعاودة لنظامك بالتدرج وأن لايأخذك حماس البدايات فاأنتِ تريدين عادة تستمر معك لأطول وقت ممكن وليس للأبد فالواقع يقول أن لأشيء يستمر للأبد وتوقع التوقف والهبوط في أي لحظة.

عن نفسي أخبرتك أنني أستمريت على رياضة المشي وإلى الآن لم أبدأ تماريني الرياضية سوى ثلاث دقائق في اليوم لأني لا أرغب في التوقف ولا أملك طاقة كبيرة لأكثر من هذا الوقت ولأن فترة توقفي تراكمت علي بعض الأعمال التي يلزمني ترتيبها وعملها لذلك عند العودة أعرفي مايلزمك فعله وأنهيه حتى لا تظلي في تشتت من أمرك.

أيضاً في نظام الأكل بدأت في إيقاف السكر بالتدريج وطبعاً في مجال الأكل أنا لا أحب القيود وسبب إيقافي للسكر هو لأنني أسرفت في تناوله الفترة الماضية وأرغب في عمل ديتوكس لجسمي وساأشارك قريبا وجباتي للديتوكس ونظامي فيه.

أمور ساعدتني في تقليل خسائري أثناء فترة الهبوط والتوقف:

ممارسة الأمتنان:

لقد تعودت لفترة طويلة أن أعمل تمارين إمتنان عن طريق الكتابة وفي فترة توقفي والتي توقفت فيها عن الكتابة أيضاً كان عقلي يقوم بالواجب ويركز على كم النعم التي بين يدي ففي حالة الحزن والخمول التي أصابتني كنت أشكر الله كل صباح أن منحني يوم جديد علني أغير حياتي ولو بشيء بسيط للأفضل كذلك كون أسرتي بخير فهي نعمة عظيمة ساعدتني على الخروج من أزمتي بشكل أسرع الإمتنان شيء عظيم فإن لم تعتادي عليه نصيحتي القلبية أن تبدأي بتطبيقه فورا وإليكِ هذا التمرين كل يوم أكتبي بخط يدك ثلاث أمور فقط تمتني لها وتشكري الله عليها وبعد شهر ستجدين دائرة تركيزك أصبحت أكثر تركيزا على مابين يديكِ من نعم بل أنك سترين كل النعم التي كنا نظن أنها بسيطة وصغيرة.

ممارسة التأمل والصمت:

أشكر الله كثيرا على أني قد بنيت عادة التأمل في حياتي وقت الأنجاز فقد سندتني كثيرا وقت السقوط فقد كان هجوم الأفكار السلبية كبير وشرس ولكن كنت أعمد لإيقافها عن طريق الإسترخاء والتآمل وممارسة الصمت.

إن بناء عادة التآمل والصمت يساعدك كثيرا في التعافي بعد كل هبوط أو صدمة تمرين بها فالحياة ليست خالية من الأحزان والآلآم.

الروحانية والقرب من الله:

حقيقة لا أعلم ماذا أكتب عن هذه الفقرة فقربك من الله شيء يصعب وصفه ولكن يكفي قلوبنا إيمانها بأن هناك من هو ألطف بها من أنفسنا فالله مصدر كل القوة والعظمة والأمان.

المشي :

في كل الأوقات التي كنت أشعر بالضيق كنت أعمد للوقوف وممارسة المشي لايهم الوقت ولا عدد الخطوات إلا أنني حصدت فائدة تغيير زاوية التركيز على الآلم والحزن الى المشي دون تفكير بمجرد مااشعر بالتعب أتوقف كنت أحيانا أسير لمدة عشر دقائق واحيانا أكثر.

قراءة تدويناتي ونصائحي:

كلنا نعرف أن لافائدة من علم أو معلومة دون تطبيق أو ممارسة لذلك عدت للبحث في دفاتري وكذلك مدونتي وقرأت ماكتبته يداي وعدت لتطبيقه من المواضيع التي عدت لتطبيقها والتي أتمنى أن تفيدك كما أستفدت منها مايلي:

فوائد الأستيقاظ في الصباح الباكر

ثلاث خطوات تساعد على تنشيطك للقيام بعملك

ثلاث طرق تساعدك على تفريغ مشاعرك السلبية

أربع قواعد لتحقيق الأهداف بكل سهولة

أربع قواعد لزيادة الثقة في النفس

لقد بدأت في تطبيق كثير من تلك النصائح الموجودة في المقالات اعلاه والحمدلله مازلت في نظام التدرج وفي فترة التعافي.

لماذا لا نستطيع التوقف عن المسؤوليات التي تخص الآخرين ونتوقف عن مايخصنا نحن؟

في المقدمة طرحت هذا السؤال ووعدتك أن أجيبه:)

طبعا معظم من يستمر في حالة هبوطه في إتمام مسؤوليات الآخرين هو شخص مسؤول وصادق مع نفسه ومع الآخرين ليس هناك أسهل من التخلي عن المسؤوليات و لكن القوة تكمن في المفاضلة و التحمل وهذه القوة أكثر من يتمتع بها الأمهات وبعض الأباء، فمسؤوليات الأطفال وحياتهم ومسؤوليات المنزل مسؤوليات مستمرة قد نستطيع الأستعانة بآخرين ولكن حتما هي في قلوبنا وتشغل عقولنا لذلك عندما يأتي وقت وتضطرين لتقديم أسرتك على نفسك فهذا دليل قوة ومسؤولية احمدي الله عليها وطبعا لو إضطررتي للتوقف ستجدين من يساندك فالله لايضيع أجر المحسنين.

إذا أتيح لكِ أن تتوقفي بكل حب ودون ضرر لأطفالك ومن هم في مسؤوليتك فتوقفي لبعض الوقت فلجسدك عليكِ حق والمهم أن لا تؤنبي نفسك فاأنا أم وأعرف ذلك الشعور جيداً.

إذا كنت شخص ليس لديه مسؤوليات دائمة تجاه الآخرين فاٍسترخي وقت الهبوط وجدد طاقتك وتأكد أن بعد الهبوط إنطلاق وإرتفاع وطريق الحياة متأرجح دائماً.

لماذا شاركت تجربتي ؟

مهما بدأ لنا أننا مختلفون فإننا نتشابه بالكثير لذلك تجربتي تخبرك أنك لستِ لوحدك في هذا العالم وهذا ما أستفدته من كل شخص قرأت تجربته وتعلمت منه أرجو أن يكون هذا المقال مفيدا لكِ وأن تخرجي منه ولو بفائدة واحدة وتطبقيها على حياتك يسعدني أن تشاركيني رأيك في التعليقات أو تتواصلي معي في حساباتي على السوشيال ميديا أو أن ترسلي لي إيميل شاركيني تجربتك.

شكرا لكِ

كوني بخير

رأي واحد حول “كيف تعودين لنشاطك بعد السقوط في فخ الكسل والتسويف وانعدام الشغف؟”

اترك تعليقًا

Please log in using one of these methods to post your comment:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s