لن تكون الرحلة يسيرة ابداً – أن تكسري برمجة نشأتي عليها زمناً طويلاً، نصيبك أن تولدي في زمان يجب أن تصنعي فيه عالمك الخاص بحثاً عن تقدير المكانة و هيبة المسمى الوظيفي و ثِقل الشهادة الجامعية، نسخة محدثة لما يُريده المجتمع، ولابد للوصول لهذا العالم الخاص أن تتجاهلي كل ما تملكين من خصائص ومواهب متفردة فيها حتى تصبحي نسخة يريدها من حولك فقط لتُثبتي أنك قادرة على النجاح، طبعا مفهومهم للنجاح وليس مفهومكِ الخاص، فتجدي نفسك في دوامة الإثبات الدائم: _أثبتي أنكِ قادرة على حصد الدرجات ونيل الشهادات. _أثبتي أنك قادرة على نيل الوظيفة والنجاح فيها. _أثبتي أنك أم وزوجة جيدة ومهتمة ورائعة. _أثبتي أنك قادرة على الموازنة والنجاح دائماً وعمل كل شيء على الوجه الصحيح. سلسلة لا تنتهي من الإثباتات التي وضعتِها لنفسك ووضعها المجتمع أمامك فكانت النتيجة بذل جهد ووقت دون راحة أو شعور حقيقي بالإنجاز.
المحصلة= ارهاق، عصبية، توتر وعدم رضا عن النتائج.
المشكلة ليست في الخيارات وليست في الأحداث المشكلة تكمن في رغبتك و اصرارك على الإثبات أنك جيدة ورائعة ومهتمة.
هذه التدوينة خاصة بمن تصارع لإثبات أنها تستحق ما حصلت عليه من باب إثبات النفس وتحقيق الذات عن طريق تقديم الصحة و الموهبة والراحة كقربان للحصول على تقدير وهمي تنتظره من الآخرين، فلا هي حصدت التقدير ولا حفظت صحتها و استمتعت بموهبتها ولا ارتاحت.

تَخلّي عن الإثبات
من المهم أن تعرفي أن كثيرًا من النساء وقعن في هذا الفخ قبلك!.
أنا شخصياً وقعت لأعوام في هذا الفخ منذ تخرجي من الثانوية الى أن تركت الوظيفة فقد كنت أظن أن ذاك القلق و الالم والعصبية هي دليل كافي أني شخص مجتهد و جدير بما يريد ولكني في طريقي ذاك فقدت نفسي وهدوئي وسعادتي و أحمد الله على الهداية:)
لا مانع أبداً بل الواجب أن نجتهد ونبذل المزيد لتحقيق رغباتنا و أحلامنا ولكن ليس بالطريقة الخطأ النابعة من وهم أستحق أن يقال علي كذا وكذا أو حتى لا يقال عني كذا وكذا، أخذ مسؤوليات أحدهم فوق مسؤولياتي لينكسر ظهري دون أن يشعروا بي ولو حدث وصرختي لقالوا لكِ أنتِ التي حملتيها!؟
المجتمع منذ الصغر يربّي الفتاة على أن قيمتها في مظهرها، في رُقيها، في تميّزها، وفي قدرتها على أن تُبهر الجميع ثم تأتي رسائل المساواة التي كان من المفترض أن تمنحها الحرية لتضيف ضغطًا جديدًا كوني ناجحة مثل الرجل، قوية مثله وفي الوقت نفسه أنيقة لطيفة و مثالية في كل الأدوار.
النتيجة = امرأة منهكة تحاول أن تُثبت طوال الوقت أنها الأجمل، الأذكى، الأقوى، والأكثر استحقاقًا ليس لأن هذا ما تريده فعلًا بل لأنها خائفة من أن تكون أقل في نظر أحدهم.
لكن دعيني أقول لكِ بوضوح أنتِ لستِ مطالَبة بذلك.
ليس واجبًا عليكِ أن تثبتي شيئًا لأحد.
لا للمجتمع، لا لعائلتك، ولا لأي معيار خارجي تم فرضه عليكِ.
قوتكِ لا تظهر في مظهركِ ولا في مقارنتكِ بغيرك بل في وعيكِ بما يكفيكِ وراحتكِ في أن تكوني كما أنتِ.
ليست كل لحظة فرصة لإثبات الذات بعض اللحظات تحتاج فقط إلى أن تعيشيها بسلام، بحب وتعيشي اللحظة كما هي.
انجزي، تعلّمي، تطوّري لكن من أجلكِ، لا لتكسبي إعجابًا .
وتذكّري دائمًا:
قيمتكِ لا تقررها نظرات الآخرين ولا أحكامهم.
قيمتكِ تُبنى من الداخل، حين تقررين أن تتوقفي عن مطاردة الكمال وتبدئي في احترام نفسكِ كما هي.
حياتكِ مسؤوليتكِ:
مالم يمكنك اختياره عليكِ تقبله وما يمكنك اختياره فلا حق لأحد بسلبه منكِ أو فرضه عليكِ وهذا ليس خطاب تمرد نسائي بل حق من حقوقك أن تختاري ما يناسبك ويريحك.
عندما تحملي ثقل مسؤولية ليست من أولوياتك فتأكدي أنه لن يأتي صاحبها و يحملها هو، أنتِ من أختار ذلك!
معظم من يحاولن إثبات أنفسهن يحملن مسؤوليات غيرهن فوق الواجب من مسؤولياتهن، ثم تنتظر العرفان والتقدير في زمن قل فيه ذلك.
الحياة الآن أصبحت أكثر سهولة وراحة و فكر المجتمع القديم بأن تكوني الكل بالكل عليه أن يتلاشى وتلاشيه يبدأ من وعينا نحن النساء بما لنا وعلينا.
لدي الكثير من القصص في هذا الموضوع فقد كنت في مجتمع نسائي كبير تأثرنا جميعاً بمحاولات (إثبات)😇 ومتأكدة أن من تقرأ هذه الكلمات قد خطر في بالها مثال من واقعها أو حياتها .
كما أكرر في كل تدويناتي الحياة قصيرة ويكفي ما بها لستُ بحاجة لأن أعيشها بطريقة لا تشعرني بالرضا عن نفسي.
كوني بخير:)
اكتشاف المزيد من خديدة وردية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
